يمكنك البحث في هذه المدونة بالنقر هنا

2021-09-30

من حــ/ .. إلى حــ/ (تراث محاسبي يحتاج التصحيح)

 من حـــ/   ... إلى حـــ/ ❌❌❌

عادات وتقاليد محاسبية (غير منطقية) موروثة

كنت طيلة فترة دراستي غير مقتنع بطريقة كتابة القيد المحاسبي، وكنت دائماً أبحث عن الإجابة، حتى وجدتها منذ أعوام، ومنذ ذلك الوقت لم أقم بتدريس مادة مبادئ المحاسبة 1 (إلى جانب أسباب أخرى)؛ لأنني سأعطي شيء مختلف عن الجميع.

والحقيقة هي إن التمثيل العربي للقيد المزدوج غير منطقي، واستخدامه لحروف الجر (من، إلى) غير صحيح قولاً واحداً، حيث يبدأ الجانب المدين بعبارة "من حساب" في حين أنه آخذ المنفعة، بينما يبدأ الجانب الدائن بعبارة "إلى حساب" في حين أنه معطي المنفعة. (فهذا مجرد حشو عربي).



ويمكن الرجوع إلى المراجع الإنجليزية والتأكد من ذلك، فكل المراجع الإنجليزية الأصيلة (التي قام بتأليفها إنجليز وليس عرب) لا تشير إلى (من وإلى) (From & to)، وتكتفي جميعاً بالتعبير عن الزيادة والنقصان في المنافع بعبارة مدين ودائن (Debt and credit)، وهذه المصطلحات كافية.

وهذا ما أشار إليه لوكا بشيلو Luca Pacioli، عالم الرياضيات الذي أصاغ فكرة القيد المزدوج بطريقة أفضل في مدينة البندقية الإيطالية عام 1494م.

حيث أشار Luca Pacioli أنه إذا أردنا زيادة منفعة أطلقنا على هذه الزيادة لفظ "مدين"، وإذا أردنا إنقاص منفعة أطلقنا على هذا النقص في المنفعة "دائن"، والعكس بالنسبة للتضحيات المستقبلية، فإذا أردنا زيادة تضحية أطلقنا عليها لفظ "دائن"، وإذا أردنا إنقاص تضحية مستقبلية أطقلنا عليه لفظ "مدين".

ويجب أن تتساوى زيادة المنافع "المدين" مع نقص المنافع أو زيادة التضحيات في المستقبل "الدائن"، والعكس بالعكس.

فمنطقيًّا لابد أن يتساوى الجانب المدين مع الجانب الدائن دوماً.

ولإكمال المعادلة في ظل الوحدة المحاسبية، فإن ذلك يكون صافي المنافع أو صافي الأصول أو ما يُطلق عليه حديثاً حقوق الملكية.

📌📌 وعليه، استبعدت في كل شروحات قناتي على اليوتيوب حروف الجر في التقييد المحاسبي للعمليات المالية، مع أنني أنسى أحياناً وألفظها في الشرح، مع يقيني التام بعدم صحتها، ولكنها مسألة تعوّد وبدأت تتلاشى تدريجيًّا من لساني.

وللأسف الشديد، مازالت الكتب المحاسبية الليبية #الحديثة الليبية بشكلٍ خاص، والعربية #الحديثة بشكلٍ عام، تتوارث هذه الأخطاء وتُأصل اللامنطق في عقول الأجيال المحاسبية، بحجة أنهم تعودوا على ذلك.

والمؤسف أكثر هو محاربتك ووصفك بأبشع الأوصاف عندما ترغب في تصحيح مفهوم أو ممارسة، ومعك الحجة ومستند إلى المصادر والمراجع، فهم يرون بذلك إنك تحاول تحدي عاداتهم وتقاليدهم المتآكلة، مع العلم أننا في هذا القرن لم نعد نقتنع بكلمة كتاب واحد، وكلمة الأستاذ الواحد، ويمكن للجميع الوصول إلى الحقيقة بالبحث والإطلاع والمقارنة، وتمرير ما يقرائه على مسطرة المنطق.

وأكبر دليل على عدم منطقية ما أشارت إليه، هو عدم استيعاب طلاب الفصول الأولى لطريقة كتاب القيد المزدوج، وبدلاً من توضيح الأمر لهم، يجبرهم أغلب الأساتذة بحفظه وعدم مناقشتهم فيه.

وأخطر جريمة -من وجهة نظري- هي قتل السؤال؛ لأن هذا يقود إلى قتل الإبداع والابتكار، وإنتاج نُسخ من العقول الممتلئة بالأسئلة، التي يظهر عجزها عند محاورتها من قبل غير المتخصصين الراغبين في فهم التخصص.

وفي كل المحاضرات المنهجية التي ألقيها منذ أعوام، أشير إلى هذا الخطأ واللامنطق، وأقول بالحرف "أنني مجبر على إعطائها بهذا الشكل؛ لأنكم ستمتحنون وفق الإجابة النموذجية لاستاذ المادة"، التي تحمل في طياتها الكثير من اللامنطق.

كما أن كل المنظومات المحاسبية المصممة من كبرى الشركات العالمية، لا توجد فيها حروف الجر التي يزعم البعض أنها ركناً من أركان القيد المحاسبي.

وفي الختام، أنصح بقراءة كتاب نظرية المحاسبة للدكتور عبد الرحمن بن إبراهيم الحميد، الطبعة الأولى (2009).

#ملاحظة:  إذا قمت بتدريس المواد المحاسبية في المستقبل بالجامعات والكليات، فلن أعطي هذه العادات والتقاليد غير المنطقية، وسأكتفي بالتحليل التالي:

الحساب المدين: ...........

الحساب الدائن: ............

وسأستبدل لفظ "منه، وله" في الدفتر الأستاذ العام، بلفظ "المدين والدائن"

لتكون المحاسبة أبسط بكثير، وأكثر منطقية.

أخوكم/ محمد قيس القنبري

"عذراً على تحريف تراث البعض"

هناك تعليق واحد: